كثيراً ما حولّتِ الليمون الحامض إلى عصير ومزجتيه بالسكر والماء فكان عصيراً لذيذاً طيباً، استلذت به الأنفس وربما طلبت مزيد، ولكن لم نكن بصدد تعلم صناعة العصير، ولم أقصده في الحديث، ولكن عزيزتي .. الليمونة بحامضها أحياناً تكون هي الحياة التي نحياها، ونشكو ألمها وأحياناً نستسلم لهمومها فهل سألتِ نفسك يوما هل بإمكاني تحويل هذه الهموم إلى كأس شراب حلو، وبكل سهولة أجل فالهموم مهما كبرت فهي غير معقدة فلا تستسلمي للحياة وكوني صاحبة الموقف دائماً ،فالذكي بإمكانه أن يحول الخسائر إلى أرباح، أما الجاهل فهو من يحول المصيبة إلى جبلٍ من المصائب يجلس بجواره ليندب حظه..
اعلمي حبيبتي في الله أن الحياة كالبحر تملأها الهموم كالأمواج فان استسلمتِ لها أغرقتكِ ولن تبكي كثيراً لأجلك، فكم أغرقت من الناس قبلك، فبادري بصناعة القارب الذي سيحملك على أمواجها، وإن أصابه الصدع والكسور فحاولي إصلاحه، واستشيري ذوي الخبرة، والمقربين إليك .
واتخذي من النبي صلوات ربي عليه قدوةً لكِ، طرد من مكة، فلم ييأس ولكن تركها وهاجر إلى المدينة فأقام الإسلام في المدينة دولةً ملأت نورها أنحاء البلاد, وسجن ابن حنبل، فصار إمام السنة، وأقعد ابن أثير فصنف جامع الأصول والنهاية ،وهو من أشهر وأنفع كتب الحديث، فإن داهمتك مصيبة فانظري إلى الجانب المشرق فيها، وإن ناولك أحد الناس ليمونة فأضيفي إليها قليلا من السكر.
كوني أكثر تفاؤلاً في الحياة ، أتذكر ما قرأته ذات مرة أنه سجن في فرنسا شاعرين مجيدين ، متفاءل ومتشاءم فأخرجا رأسهما من نافذة السجن فأما المتفاءل فنظر نظرة في النجوم فضحك . وأما المتشاءم فنظر إلى الطين في الشارع المجاور فبكى .. تراك من أي الصنفين أنتِ أخيتي؟..